الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات شكري بلعيد في الذاكرة: صــديـق «الزواولة» قـربـــان لـثـورة الـكـرامــة

نشر في  05 فيفري 2014  (11:16)

 مرّت سنة على اغتيال الشهيد شكري بلعيد الذي كان من أبرز المعارضين لسياسة الترويكا وخاصّة لحركة النهضة..
كان مناضلا صلبا عنيدا يدافع عن مجتمع متفتّح متسامح بعيد كلّ البعد عن المشروع الدّيني الوهابي الذي رفضته وترفضه تونس منذ قرون حتى وإن وجد في مجتمعنا تواطؤا من بعض المرتزقة الذين يسوّقون لبرامج دينية واجتماعيّة وسياسية غريبة عن هويّة المجتمع التونسي وطبيعته الوسطيّة..

لقد كان شكري بلعيد أبرز معارضي هذا المشروع الظلامي المستورد  فقرّرت «عصابات الدم والدين» التخلّص منه لأنّه كان أهمّ رمز للتصدّي للزحف العقائدي الأفغاني الذي كان يتصوّر أنّ تونس أرض «جهاد» وفتوحات وأنّ شعب هذه البلاد سيكون فريسة سهلة الابتلاع والهضم.. لكن الاغتيال الغادر لبلعيد أحدث صدمة ايجابيّة وحّدت كل القوى الديمقراطية التي تحركت للوقوف في وجه الحركات الدّينية المتطرّفة مع التذكير بأنّ وزارة الداخلية  أظهرت آنذاك لا مبالاة بالتهديدات الموجّهة الى الرّجل الرمز، والثابت أن التاريخ سيكشف تواطؤ بعض الشخصيات السياسية والأطراف الأمنية التي مهّدت لاغتيال الشهيد ظنّا منها أنّ الخوف سيعمّ البلاد وانّ المعارضين الجدّيين ستنهار معنوياتهم لكن ردّة فعل الشعب التونسي كانت ايجابيّة حيث ثار على المنظومة السياسيّة المتسامحة مع الارهاب ولم يخش التهديدات والعنف والموت ذلك أنّ من اغتال سياسيّا اغتال نفسه..
وشكري بلعيد لم يكن رجل سياسة فقط بل كان أيضا صديقا للمساكين والفقراء وكلّ من يحمل أثقال حياته على كتفيه، وهل هذا غريب ممّن ولد في منطقة شعبية مثل جبل الجلود؟! كما كان يطمح ويناضل من أجل برنامج  اقتصاديّ يأخذ بعين الاعتبار «مصالح الزوالي» ويضمن له حياة تتوفّر على حدّ أدنى من الكرامة.

لقد فجّر موت الشهيد شكري بلعيد انتفاضة شعبيّة قويّة شارك فيها مئات الآلاف من المواطنين والمواطنات، فعبّروا جميعا عن رفضهم للعنف والاغتيالات السياسيّة وقالوا بصوت واحد لحكومة «الترويكا:« إنّ تونس ليست لقمة سائغة ولا قرصا يمكن ابتلاعه، وبالتالي من الجنون أن يتصوّر أيّ كان أنّه قادر على القضاء على وسطيّتها وأحلامها التي أنجزتها الثورة: حرية، شغل، إعلام حر، قضاء مستقل، تنمية الولايات التي كانت مهمّشة، كرامة، مساواة، حقوق المرأة كاملة».

إنّ اغتيال الشهيد شكري بلعيد ثم الحاج محمد البراهمي ولطفي نقض ومحمد المفتي كانت جرائم ارتكبها متطرّفو الأحزاب وبعض الأجهزة، ولكن ربّ ضارة نافعة، فقد فتحت عيون الشعب على الأخطار التي تترصّده ممّا بعثر مشاريع الظلاميين وحلفائهم وجعل من شكري ومن كلّ الشهداء رموزا للمقاومة.

المنصف